الضحك
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الضحك
الضحك
صالح خريسات - قد يجد الإنسان في نفسه حاجة إلى الضحك، لا يدري مكنونها، فتراه في لحظة من اللحظات يفتقد صاحبه الفكه، أو تراه يبحث في عناوين مسرحيات الكوميديا، عن شيءِ يدخل السرور إلى قلبه، وربما استرسل في الحديث عن أيامه الخوالي، وكيف كانت السعادة ترفرف في سماء حياته.
وعادة ما يصف الإنسان نفسه في تلك الأيام، بأنه كان خالي البال، هادئ النفس، لا يشعر بثقل أعباء الحياة، ولا يشعر بنكد الدنيا عليه.
وإذا ما أصغينا إلى حديث هذا الإنسان، المفجوع على أيامه، وتفحصنا طريقة كلامه، ومخارج ألفاظه، وجدنا في حديثه، نبرات التحسر على أيام مضت، بكل ما فيها من سعادة وهناء، ثم تراه يتأوه بحنين إلى تلك الأيام، وكأنه يحاول استرجاعها من فم الزمان، ويصفها بأنها لن تعود .
وإذا كانت الأيام لن تعود حقاً ، فإن الإنسان يحاول استحضار مشاعر الهناء والسعادة، ليزاحم بها مرارة أيامه، ويمسح ما علق بقلبه من أدران الهم والغم. وفي هذه اللحظة، يكون الضحك قد صار شبه غاية مغلفة بكثير من احتياجات النفس، يبحث عنها الإنسان في سالف أيامه وحاضرها.
وربما ترك أحدنا البيت في ساعات متأخرة من الليل، بعد أن تقلب في فراشه ذات اليمين وذات الشمال، وخرج يبحث عن أصدقائه، فالبحث هنا، هو بحث عن الضحك، دون أن يدري الإنسان لذلك سبباً، ولو تفحص المرء ذاته في مثل هذه الأوقات، لتسأل في قرارة نفسه: هل للضحك وظائف يمكن أن يؤديها، أو فوائد يعود بها على النفس؟ وإذا كانت هناك ثمة فوائد فما هي فوائده؟!.
تعلم الضحك والبكاء عند الإنسان، يسبق تعلمه الكلام، ونحن إذا راقبنا طفلاً في شهوره الأولى، نجده يبكي لأسباب، ويضحك لأسباب، فهو يبكي لشعوره بالخوف عند ولادته وخروجه من رحم أمه، أثر انتقاله من حياة مظلمة إلى حياة منيرة، يرى، ويسمع، ويحس فيها للمرة الأولى، كما أنه يبكي لإحساسه بالجوع أو بالألم، وربما تعبيراً عن سخطه واستيائه من أمر لا ندري علته. وهو كذلك يضحك تعبيراً عن شعوره بالارتياح والطمأنينة والحنان، فإذا بكى الطفل وأخذ نصيبه من الرضع، عبّر عن راحته بابتسامة خفيفة يضحك لها كل من حوله، كذلك إذا بكى لشعوره بالوحدة، واحتضنته أمه، فسرعان ما يهدأ ويبتسم لإطمئنانه إليها.
إلا أن الإنسان في طفولته الأولى، لا يعرف غير نوع واحد من الضحك، هو الابتسامة الروحانية التي لا تحمل أي معنى من معاني الابتسامة الأخرى، كالحقد، والسخرية، وغيرها. فالإنسان يتعلم هذا النوع من الضحك قبل أن يتعلم الكلام، لكنه ما إن يكبر ويدرك مكنونات ما حوله، حتى يتعرف تلقائياً على أنواع أخرى من الضحك، يستخدمها في مواقف اجتماعية مختلفة
على ذلك، فإن أولى وظائف الضحك، هي التعبير عن الحالة النفسية للضاحك، وما يكنه من مشاعر إزاء من حوله، أو إزاء موقف من المواقف، إذ إن الطفل والصبي والشاب والشيخ، يضحكون في وجوه من يحبون ويألفون، ويضحكون في موقف من المواقف الطيبة التي تريحهم، وفي كل الحالات تكون الضحكة روحانية طيبة، تنم عن المودة والحب، وهي في الوقت نفسه، الضحك الطبيعي والفطري الذي لازم الإنسان في مراحل حياته.
والضحك لا يتم في معزل عن الناس، فالإنسان المغلق على نفسه، والمنعزل عن المجتمع، غالباً ما ينظر إليه نظرة خاصة، بوصفه مريضاً نفسياً أو شاذاً، ولعل هذه النظرة تكسب الرجل المنعزل لوناً قاتماً من الكآبة، وتفقده القدرة على معاشرة الأصدقاء. ويؤكد العلماء أن الإنسان إذا تأثر بما يوجب الحزن أو الفرح تأثراً عظيماً، فبلغ جهد أعضائه مبلغاً يفوق قواها الحيوية، واضطربت حركاتها، يختنق إذا طالت الحال، ولم تأته الطبيعة بالزفرات أو الضحك، فتعود لها الموازنة بين حركة أعضائه.
بالمقابل، فإن هذا الرجل المنعزل، لا يعرف الضحك بتاتاً، ويتجنبه معظم الناس لشعورهم بأنه رجل جامد أو حسود، ولا تتغير هذه النظرة، إلا إذا خرج الرجل عن عزلته واختلط بالمجتمع، عندها يبادلونه الشعور نفسه من المحبة، ويعيدون إليه ثقته بنفسه، ويتحقق هذا الأمر من خلال تشجيعهم له على الضحك والترويح عن نفسه. يقول الفيلسوف الألماني نيتشه: الإنسان أكثر الحيوانات عرضة للآلام والأوجاع وكوارث الحياة، لأنه يستطيع أن يشعر بعمق ويحس أبعاد الكارثة، فلذلك اخترع الإنسان الضحك كي يحافظ على سلامة عقله وإتقاء لخطر الحيوان . فالضحك هنا يؤدي في حياة الأفراد والجماعات، وظيفة نفسية مهمة من وظائف الاتزان العاطفي، وهو السبيل إلى تحقيق ضرب من التكامل النفسي الاجتماعي، بين جميع أفراد المجتمع.
وحين يمر أحدنا بظرف قاس من ظروف الحياة، يلتف حوله الأصدقاء والأهل ليخففوا من مصابه، وغالباً ما يلجأون إلى ذكر صنع الدنيا وإلقاء النكت والمضحكات على مسمعه، فلا يلبث قليلاً حتى يضحك ضحكات مليئة بالمرارة والألم، لكنه يشعر بارتياح بالغ. فوظيفة الضحك هنا تخفيف أعباء الواقع عن كواهلنا، وتخليصنا إلى حين من بعض تبعات الحياة اليومية، وما يصاحبها من مشاغل وهموم تكاد لا تحصى، أقلها ما يفرض على المرء من صداقات لا يحبها في العمل، أو في السوق، أو من خلال صلات القرابى.
ويرى وليم ماكدويل، أن المشاركة الوجدانية قد أصبحت عبئاً على الفرد منذ بداية التاريخ، فكل مصيبة أو فاجعة تنزل بأفراد القبيلة، تكدر جميع أفرادها، ولما كانت سلسلة المصائب لا تنتهي، وحروب القبيلة المتكررة وما تجلبه من كوارث لا تنتهي، فإن الأحزان تظل متصلة، فالضحك محاولةٌ للتخلص من مشاركة الآخرين في متاعبهم، خصوصاً إذا كانت هذه المتاعب غير ذات خطر شديد.
كذلك، فإننا إذا مررنا بأزمة شديدة، ثم انفكت الأزمة وفرجت الكرب، فإننا نستقبل الأمر بضحكة عميقة جداً، كأنها تخرج من القلب، ونحس أن التعب المضني الذي عشناه فترة من الزمن، يتلاشى تدريجياً مع الآهات والانفاس العميقة، التي تسمى في الأدب تنفس الصعداء ، فوظيفة الضحك هنا، تفريج أزمة نفسية عند الفرد، بسبب المجهود الذي يبذله اتقاء خطر، أو دفع ضرر، محتمل الوقوع. وهي تنبيه إلى الآخرين بأن الخطر الذي كان من المحتمل وقوعه قد زال، فالضحك إشارة صوتية نستطيع أن نشبهها بصفارة الأمان بعد حدوث الغارة.
وإذا توجهنا إلى المشاهدات اليومية، التي نصادفها في حياتنا صباحاً ومساء، فإننا نجد أن الابتسامة والضحك، من الوسائل الاجتماعية المتعارف عليها بين الناس، فالموظف يلقى رئيسه بابتسامة، والطالب يبتسم في وجه معلمه، كذلك الابن والأب والأم، وربما إذا لاحظنا تكشيرة ما على أي من أفراد الأسرة أو الأصدقاء، فإننا نسأله ونلح عليه أن يفصح لنا عما يقلقه، فإذا ما أفصح وعولج أمر مشكلته بالحل، تبسّم الجميع وضحكوا لذلك، وقد نشاهد في تجوالنا وتنقلاتنا عبر وسائط النقل المختلفة، عبارات تشير إلى ضرورة التبسّم وتحث عليه. من ذلك: تبسّمك في وجه أخيك صدقة ، لذلك فإن أهم وظيفة اجتماعية يقدمها الضحك، هي خلق جو من الود والمحبة والأريحية بين الناس.
فراشة المملكه- مساعد المدير العام
-
عدد الرسائل : 235
العمر : 39
المفضل : الصراحه
جنسيتك : اردني
تاريخ التسجيل : 07/04/2009
رد: الضحك
مشكوره يا عسل
zaid malkawi- الادارة
-
عدد الرسائل : 187
العمر : 34
الموقع : https://mallouh.hooxs.com
العمل/الترفيه : جامعي
المفضل : استعمال النت
جنسيتك : اردني
تاريخ التسجيل : 26/02/2009
رد: الضحك
يسلموووووووووووووووو
زززززززززززززززززززيدو
ع مرورك
زززززززززززززززززززيدو
ع مرورك
فراشة المملكه- مساعد المدير العام
-
عدد الرسائل : 235
العمر : 39
المفضل : الصراحه
جنسيتك : اردني
تاريخ التسجيل : 07/04/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى