ثقافة الاهتمام بالصحة

ثقافة الاهتمام بالصحة

د.فيصل غرايبة - يتزايد الاعتقاد بين الناس أنهم في غنى عن مراجعة الطبيب، وعن تناول الدواء، وعن أخذ الحيطة بالنسبة لمضار الغذاء ،وعن الحرص على نظافة في اليدين والبدن والملبس والمسكن، والاهتمام بالمحافظة على نظافة البيئة ونقائها بأرضها وهوائها وماءها،ويتعامل الكثيرون مع هذه المواقف والأحوال بشيء من التحدي، إضافة إلى التشكيك بقدرات الأطباء والأجهزة الطبية على علاج المريض، كما أن الكثير من الناس يلجأ ون غالى الاجتهاد الشخصي أو التطبيب الشعبي أو الاعتماد على أدعياء المعالجة من السحرة والمشعوذين.
و كثيرون هم الذين أسلمتهم صعوبات العيش وأزمات الحياة إلى المرض أو إلى مسببات المرض، مثل تعاطي المخدرات والإدمان عليها،وتناول المشروبات والمسكرات والتدخين،التي يلجأ هؤلاء إليها لتساعدهم على نسيان الأزمة وتجاوز الصعوبة ،ولا تكون إلا في مدى إيهام الذات بأنها خلو من صعوبات وبعيدة عن أزمات ، يتشابه في ذلك على الصعيد النفسي اللجوء إلى الحيل الدفاعية والوقوع نتيجة ذلك في صراع بين الواقع والخيال ،وبين الشعور واللاشعور،وبين الإدراك والتجاهل والإهمال، وما يستتبع ذلك من اعتلال في الصحة بأوجهها النفسية والعقلية ،وحتى الجسمية،والتي تظهر على أصحابها بعدة أوجه من الألم والتذمر والشكوى.
لقد وجد العمل الاجتماعي وانطلاقاً من فلسفته الإنسانية ومبادئه المهنية أن من مسؤولياته تجاه المجتمع،و تجاه الناس أن يتدخل في القطاع الصحي الطبي ، و ذلك كشريك فاعل في الفريق الطبي المعالج،هذا التدخل الذي لمست القيادات الطبية في القطاع الصحي أنه أمر ضروري ،وهذا التشارك الذي رحبت به تلك القيادات المهنية بصحة الإنسان اعترافاً بتداخل الجوانب في الشخصية الإنسانية جسمانياً ونفسياً وعقلياً واجتماعياً ، وان الإنسان ابن بيئته ووارث ثقافة مجتمعه، وأن الوقاية لا يمكن أن تتم إلا في ظل وعي كامل وشامل وتكاتف للجهود الرسمية والأهلية، كما العلاج الذي لا يمكن أن يكون ناجحاً إذا لم يطال مختلف الجوانب ويحيط بالظروف.
وهكذا يدخل العمل الاجتماعي المؤسسة الطبية بمختلف أجنحتها و القطاع الصحي بتعدد فعالياته، ليكون الوسيط المثابر بين مصدر المرض والمصاب بالمرض ،والوسيط النشط بين مصدر الخدمات ومتلقي الخدمات، و تدوم هذه المثابرة وهذا النشاط وفقاً لإطار مهني يضمن تحقيق التكيف وتحسين الأداء ،وهذا هو الهدف الرئيسي للعمل الاجتماعي في مختلف المجالات .