الربيع ليس بديعاً دائماً

الربيع ليس بديعاً دائماً

كريمان الكيالي
كيف لوردة جميلة ان تتسبب بأذى حاملها ؟ وكيف لرائحة زكية ان تكتم الانفاس ؟ وكيف لطقس لطيف أن يتحول الى كابوس مزعج يحرم كثيرين من الاستمتاع بدفئه ؟..يتساءل البعض .
ويصف آخرون علاقتهم بهذا الفصل بحالة من الود المفقود ، فالحساسية التي ارتبطت به ، طاولت كل مظاهر الجمال والخصب ، غيرت معالم صورة من كا ن اجمل الفصول ، وأصبح مصدر معاناة كثيرين .
لم تتغير الفصول ، ولم يحدث ان استبدل الربيع بآخر، والحساسية مرض عرف منذ القدم ويقال بأن احد ملوك مصر واسمه مينا قضى بسببها ، غير ان تقلبات المناخ ، والتغير في البيئة الاجتماعية والاقتصادية والتلوث زاد عدد المصابين بخاصة من الاطفال .
ويفيد تقرير تم الكشف عنه خلال مؤتمر الشرق الاوسط وآسيا للحساسية والربو والمناعة والذي عقد في دبي أواخر آذار 2009 .، بأن التكلفة الطبية لهذا المرض ستصل 5ر2 مليار دولا سنويا ،وان واحدا من بين كل اربعة اشخاص سيعاني من الحساسية في عام2050 ، بما يزيد من ارتفاع عدد المصابين الى حوالي 70% ، وذلك في منطقتي الشرق الاوسط وشمال افريقيا ، فقد اصبحت الحساسية مشكلة صحية تتزايد عالميا ، وفي آسيا وحدها 4 مليارات مريض،مما يعني انها ستكون وباء القرن الحادي والعشرين ، وتستدعي هذه النتائج وضعها على الاجندة الوطنية لهذه البلدان ، بحسب ما اوصت مسؤولة الخزينة في المنظمة العالمية للحساسية ورئيسة المؤتمر البروفيسوره د. روبينا باونكر .
تذهب الاصابة بالحساسية الى ما هو ابعد من الاعراض المعروفة ، تزيد من الارهاق والتوتر والقلق والحرج والعزلة الاجتماعية ، فاعراض الحساسية بما فيها من سعال وعطس وتدميع عينين وسيلان انف وغيرها تشعر الشخص بالخجل عند لقائه اخرين ، إضافة الى وجود أشخاص ينفرون من الاقتراب من مريض بها ، و بسبب الامطار الشحيحة والرياح الخماسينية والغبار الكثيف هذا العام ازدادت نسبة الاصابة بالحساسية في الاردن مابين 7-10% . حيث كان هذا الشتاء هو الاسوأ ، بالطبع اضافة للتلوث بكل اشكاله بحسب استشاري امراض صدرية د.عبد الرحمن عناني .
وعلى خلاف الاغنية المشهورة ، فالربيع ليس بديعا دائما ، وبسبب الحساسية ، فقد اضطر البعض لاقتلاع شجرة زيتون كان زرعها منذ سنوات امام المنزل ، او ورود وازهار تزين الحديقة ، هناك من تغيب عن عمله ، او كان اداؤه ضعيفا طيلة هذه الفترة ، ومنهم من قام بتأجيل قرارات مهمة كالزواج والسفر مثلا ، وهناك من امضى اوقاته في التردد على عيادات الاطباء ، اضا فة الى اطفال تغيبوا عن مدارسهم ورقدوا في الفراش.
يقول ابو خالد : حساسية الربيع التي اصابت زوجتي منذ ثلاث سنوات خلفت في بيتنا معاناة كبيرة ، قمت بقطع اشجار الزيتون التي زرعتها امام البيت ،برغم منظرها الجميل ، إذ أن بقاءها يعني ان زوجتي ستبقى طيلة الفصل تتلقى علاجات تقاوم هذ التحسس .
ويضيف : أبو محمد حياتي تكون صعبة في بداية ايار عندما يزهر الزيتون : حيث يصيبني ضيق في التنفس وسيلان في الانف وتدميع في العين ، مما يضطرني لاخذ اجازتي السنوية في هذا الموعد من العام على خلاف الغالبية العظمى من الناس الذين يستمتعون بها في الصيف.
وتفصح نهاية عن مشاعرها وتقول: لم اعد احب الربيع ، وروده وازهاره الجميلة لاتجلب لي سوى المعاناة ، لايكاد يمضي اسبوع دون ان اكون على باب طوارىء احد لاخذ العلاج اللازم . وتضيف : ما اعانيه من اعراض لاتتهدد صحتي بل حياتي الاسرية، تنعكس بشكل سلبي على نفسيتي وتعاملي في المنزل مع الزوج والابناء وحتى الزميلات اللواتي يتحاشين ان يقتربن مني .
وتقول طالبة من بلد عربي ابتهال : كنت في طريقي لاحدى المحاضرات شعرت بثقل في عيني اليسرى ، بدأت بالتدميع الشديد ، اعتقدت ان ثمة غبارا او احد الرموش دخل بها ، لكن في اليوم التالي ، كانت قد اغلقت تماما ، كنت اقوم برفع جفني بيدي حتى اتأكد من وجودها ، خفت كثيرا بخاصة وانني اعيش وحدي بعيدا عن اسرتي ، التشخيص اثبت انها مصابة بحساسية ربيع لكنها شديدة ، اضطرني ذلك لان أتغيب عن الجامعة عشرة ايام. وتحكي ايمان : ما اعانيه من اعراض اخافتني كثيرا، دفعتني لزيارة ثلاثة اطباء ، خلال اسبوع واحد ، اجمعوا بأن ما اعاني منه حساسية ربيعية ليس اكثر، وان وضعي الصحي سيستقربعد انتهاء فصل الربيع.
وتقول شروق بانها اجلت حفلة الخطبة بسبب الحساسية التي تصيب عيونها وما يصاحبها من تدميع واحمرار يفسد معه اي ماكياج او استنشاق لروائح وعطور..
ويشير الموقع الالكتروني مديكال نيوز تودي الى عدة عوامل تتحكم في الاصابة بالحساسية اهمها شتاء معتدل وهبوب رياح قوية تسبب انتشار الطلع قبل اوقاته الطبيعية ، ويعتتبر المطرعاملا مساعدا في التقليل من الاصابة بها .
وتنصح اخصائية الحساسية الامريكية د.كاترين مونتيليون ، بابقاء ابواب المنازل والسيارات مقفلة وتشغيل المكيفات اذا اقتضى الامر ، ووضع نظارات على العينين لحمايتهما من غبار الطلع،عند الخروج من المنزل وعدم التدخين ووضع العطور..